كاتب المقالة: أبرار الردادي
في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، تمكنت الألعاب الإلكترونية من تجاوز حدود الترفيه البسيط لتصبح صناعة عملاقة ترسم ملامح الاقتصاد والثقافة العالمية، من بداياتها المتواضعة كأنشطة ترفيهية فردية، إلى صناعة تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات، أثبتت هذه الظاهرة الرقمية أنها أكثر من مجرد وسيلة للهروب من الواقع، بل هي قوة مؤثرة تشكّل حاضر المجتمعات ومستقبلها.
لقد شهد قطاع الألعاب الإلكترونية تحولاً مذهلاً، خاصة في الولايات المتحدة التي ضخت من خلال هذا المجال أكثر من 329 مليار دولار في الاقتصاد، وخلقت ما يفوق 1.8 مليون وظيفة، مما يجعلها من أكثر الصناعات ديناميكية على الساحة العالمية، ولم يتوقف هذا النمو عند حدود معينة، بل تجاوزها ليشمل كل ركن من أركان المعمورة، مع توقعات أن تصل القيمة السوقية للصناعة إلى أكثر من 268 مليار دولار في 2025.
لكن هذه الصناعة لا تقتصر على الأرقام والاقتصاد فقط، بل غدت مكوّنًا ثقافيًا واجتماعيًا متجذرًا، تحولت الألعاب إلى وسائط تُستخدم لسرد القصص، وإيصال الرسائل، وحتى كأدوات سياسية ناعمة، كما أنها أصبحت أدوات تعليمية حديثة، تسهم في تعزيز القدرات الذهنية وتطوير مهارات التفكير النقدي والعمل الجماعي، فضلاً عن قدرتها على بناء صداقات عابرة للقارات والثقافات.
وفي قلب هذا التحول، تقف المملكة العربية السعودية كلاعب صاعد وطموح في مشهد الألعاب الإلكترونية العالمي، من خلال مشاريع طموحة مثل منطقة الألعاب في القدية وإطلاق كأس العالم للألعاب الإلكترونية، تسير المملكة بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للألعاب والرياضات الإلكترونية، وتشير الأرقام إلى أن السعودية حققت إيرادات بلغت 1.13 مليار دولار في 2023، مع توقعات بزيادتها إلى 1.36 مليار دولار في 2026، ما يعكس معدل نمو سنوي مركب يتجاوز 6%.
ولا تقتصر فوائد هذا القطاع في المملكة على الجانب الاقتصادي، بل تتعداه لتشمل الأبعاد الاجتماعية والتعليمية والسياحية، فبفضل قاعدة سكانية شابة، تشكل 70% من المجتمع، يعد قطاع الألعاب فرصة ذهبية لتوظيف الطاقات الإبداعية وتطوير المهارات الرقمية، ما ينعكس على الناتج المحلي بمساهمات متوقعة تصل إلى 13 مليار دولار، وتوفير أكثر من 39 ألف وظيفة بحلول عام 2030.
إن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد أزرار تُضغط وشاشات تُحدق فيها، بل هي عالم متكامل ينبض بالحياة والإبداع والتحدي، يشكل الجيل الجديد، ويعيد رسم حدود الاقتصاد والإبداع.
وكما تقول خبيرة الألعاب جين ماكغونيغال: الألعاب هي منصة للإنجازات، وأداة لصناعة المستقبل .